(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
أسئلة وكلمات حول الحج والذكر
3828 مشاهدة
التوبة النصوح وشروطها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نحمد الله، ويجب أن تحمدوا ربكم أيها الإخوة وأيها الحجاج -على أن يسر لكم أداء هذه المناسك، وهذه الشعائر.
لقد وفقتم –والحمد لله – لأعمال كثيرة؛ فوفقتم لعقد النية بالإحرام الذي هو نيـة النسك، والذي هو تجرد من اللباس، والابتعاد عن أسباب الرفاهية. والذي فيه كمال الذل، وكمال الاستكانة لرب العالمين، والذي فيه الخضوع، والخشوع، والتعبد، والتذلل بين يدي رب العالمين.
ثم وفقتم لإكمال الحج، وذلك بوقوفكم في عرفة الذي هو ركن الحج الأكبر؛ لقوله-صلى الله عليه وسلم- الحـج عرفة .
ووفقتم -في ذلك اليوم- لما يسره الله من الأدعية، والأذكار، والتهليلات، والتكبير، والاستضعاف بين يدي الرب تعالى، وإظهار المسكنة، وإظهار الخشوع- الذي.
كل ذلك من أسباب نزول الرحمة، من أسباب المغفرة؛ مغفرة الله تعالى للعباد؛ لقوله في الحديث القدسي: انصرفوا مغفورا لكم ولقوله: إني قد وهبت مسيئهم لمحسنهم، وغفرت لهم ولا شك أن هذا فضل كبير.
فهنيئا لكم أيها المتصفون بهذه الصفة، ووفقتم لإجابة داعي الله تعالى بالأعمال التي عملتموها في هذا اليوم، وفي الأمس، وفيما قبله؛ وذلك بإظهار الخشوع والخضوع بين يدي الرب سبحانه، وإظهار التوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى، وإظهار الندم والأسف على ما حصل منكم مما فرط، وما مضى من إهمال وتفريط في بعض الأوامر، وارتكاب لبعض النواهي.
فنوصيكم -من هذا اليوم- بصدق النية مع الله تعالى؛ بحيث أن ينوي كل منكم الرجوع إلى الله، وختم الأعمال بما يكون سببا في قبول الأعمال. ونوصيكم بصدق التوبة؛ بأن تتوبوا إلى الله توبة صادقة؛ توبة نصوحا.
فيعاهد المسلم ربه على ألا يعود إلى ذنب، وعلى ألا يرتكب خطيئة؛ فإن من آثار الأعمال الصالحة التوبة إلى الله تعالى توبة نصوحا؛ كما أمر الله عباده. قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا .
وقد ذكر العلماء أن أركان التوبة ثلاثة:
أولها- الإقلاع عن الذنب.
والثاني- العزم على ألا يعود.
والثالث- الندم على ما فات، وعلى ما فرط من الأمر.
فالتوبة الصادقة لا بد أن تجتمع فيها الشروط.
فإذا تاب ندم على الذنوب التي مضت، ندم على ما فرط من ترك الطاعات، وعلى ما فعله من ارتكاب المحرمات، وأسف على ذلك، وظهر عليه آثار الحزن، وآثار الأسف والندم؛ بحيث إنه يشعر بالتقصير، يشعر من نفسه بأنه مذنب ذنوبا كثيرة؛ فيسأل ربه يقول: رب تب علي؛ فقد فرطت في أمري، يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في عمري، وعلى ما مضى من عمري الذي أمضيته في لهو وسهو، وفي غفلة وإعراض، وفي عمل ذنوب، وفي ارتكاب خطايا وسيئات.
ويا أسفى على ما فرطت من عمري؛ حيث أضعت العمر دون أن أستدرك عمري، ودون أن أستغله في طاعات.
يشعر المسلم بأنه خلق لعبادة ربه وخلق للطاعة وخلق لأجل أن يعمل لله تعالى عملا متواصلا مستمرا ليس له نهاية إلا الموت، فإذا شعر بذلك فعليه أن يصدق التوبة، وأن يرجع إلى ربه، وأن تظهر عليه آثار هذه الأعمال الصالحة.
فهذه الأعمال لها آثار وعلامـات؛ فأنت إذا طفت بالبيت واستلمت الركن ؛ فإنك تعاهد الله. كأنك تعاهد ربك على أن تطيعه بقية حياتك، وعلى ألا ترجع إلى ذنب صغير أو كبير.
كذلك –أيضا- إذا طفت بالصفا والمروة وتذكرت أن هذا قد طاف به النبي- صلى الله عليه وسلم- وأنه جعل ذلك عبادة لله، وشغله بالدعاء والذكر؛ فإنك تتذكر بذلك أن هذا من أشرف الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى؛ فتعاهد الله على استمرارك في طاعته.
وكذلك إذا أديت صلاة مكتوبة في هذه المشاعر، أوفي البيت الحرام تذكرت أن هذه الصلاة فيها عهد بينك وبين ربك على ألا تعبد إلا الله، ولا تستعين بغيره، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تدعو سواه، ولا تتضرع أو تتواضع لأحد غيره؛ فذلك بلا شك من آثار هذا العهد.
فإذا فعلت ذلك رجي أنك تصلح عملك، وتصلح في مستقبلك، هذا لا شك أنه أثر من آثار هذه الأعمال الصالحة.